الدور المحوري للمدير(ة)في تدبير المؤسسات التعليمية
الدكتور المحترم: رشيد فعدة
الاطار: متصرف تربوي
الايمايل : Rachidfaada1@gmail.com
يعرف نظامنا التعليمي تحولات كمية ونوعية عميقة، تم تجسيدها عبر الأوراش
المتعددة، التي فتحتها وزارة التربية الوطنية، والتي دعا إليها الميثاق الوطني
للتربية والتكوين من خلال إقرار سياسة اللامركزية واللاتمركز في قطاع التربية
والتكوين، وتحسين التدبير العام وتقويمه بطريقة مستمرة، وتوجيهه اعتمادا على سياسة
تحسين جودة التدبير الإداري، البيداغوجي و المادي للمؤسسات التعليمية، وملاءمته
لمحيطه الاقتصادي، الاجتماعي و الثقافي على المستوى الجهوي والمحلي، وترشيد
النفقات بانتهاج الشفافية والمحاسبة والديمقراطية وسياسة التوازن بين الموارد
والمصاريف وضبط معاييرها، وترشيد استغلالها وحسن تسييرها.
في هذا السياق، تعتبر أطر الإدارة التربوية بمؤسسات
التعليم والتكوين ذات مسؤولية جسيمة، لا تقل أهمية عن أطر التربية والتعليم؛ إذ من
خلال مهامها تتجلى أهمية الظروف والإمكانات المتاحة وأدوارها، ومدى تحكمها في
سيرورة الفعل التعليمي التعلمي، فيتشكل أثرها بقدر جودتها و فعاليتها وصلاحيتها.
وتبرز أهمية الإدارة التربوية في التأطير، ومساندة النشاط التربوي، وتقوية التواصل
بين هيأة التدريس والمتعلمين/ات، مع تقوية العلاقات بين المؤسسة و البيئة المحلية.
وانطلاقا من المهام التي حددها المشرع لمدير المؤسسة التربوية، وانسجاما مع المسار التحديثي للإدارة التربوية، أصبحت للمدير أدوار جديدة تؤسس للتصور الجديد للإدارة التربوية في علاقتها بالفاعلين التربويين من جهة وبمحيطها السوسيو اقتصادي من جهة ثانية، وهكذا أصبح من بين أدوار المدير دور المدبر، ودور المرشد التربوي، ودور المنشط الاجتماعي.
-1 المدير كمدبر :
يعتبر مدير المؤسسة التربوية مسؤولا عن التدبير الإداري والمادي والمالي.
ففيما يتعلق بالشق الإداري يعتبر المدير الممثل الرسمي للإدارة المركزية إزاء السلطات المحلية والهيئات المنتخبة، والمتحدث باسم المؤسسة. كما يعتبر صلة وصل بين المدرسة والهيئات الإدارية العليا ( الوزارة، الأكاديمية، النيابة...) فهو الذي يتكلف بتلقي المراسلات، والمذكرات ويتحمل مسؤولية تبليغها وتطبيق فحواها.
ومن جهة أخرى، يسهر المدير على مراقبة تنفيذ مقتضيات التشريع المدرسي وضمان استعمال الوسائل والأدوات والمراجع التعليمية والخزانة المدرسية، والإشراف على الموظفين والأعوان والقيام بعمليات التسجيل والإحصاء والتراسل الإداري والتوثيق والتنظيم.
كما يدخل ضمن اختصاصات المدير الإدارية، تنظيم الامتحانات وتدبير أعمال الحراسة والتصحيح والكتابة، ورئاسة مجالس المؤسسة، وانجاز التقارير الدورية، ومراقبة الوثائق التربوية، ومنح النقط الإدارية، وإبداء الرأي والملاحظة فيما يتعلق بالترسيم والترقية.
وفيما يتعلق بالشق المادي، يعتبر المدير المسؤول عن تتبع حركية المواد والأدوات والتجهيزات المدرسية، والوسائل التعليمية، والسهر على سلامتها من التلف والضياع، والحفاظ على جودتها وصيانتها وإصلاحها وترشيد استعمالها واستغلالها، والتخلص من التجهيزات المتلاشية والغير قابلة للإصلاح، والتي تتراكم بجنبات البنايات مشكلة خطرا على سلامة وأمن التلاميذ، ومشوهة لجمالية فضاء المؤسسة.
أما الشق المالي، فيقصد به الإشراف على عمليتي الاستخلاص والصرف. وهكذا يصبح المدير محاسبا إداريا يقوم بتدبير المداخيل والنفقات.
فهو الذي يقوم بوضع لوائح للملزمين بأداء الحقوق الثابتة للمؤسسة، ويحصر المبالغ المستحقة، ثم يأمر باستخلاصها مثبتا ذلك في سجل المداخيل.
وبالمقابل فهو المسؤول عن النفقات، بحيث
يملك صلاحية تقدير ضرورة وأهمية المصاريف التي يعتزم إنفاقها.
وتشكل مداخيل المؤسسة المالية في الغالب من رسوم
التسجيل، رسوم الداخليات، ورسوم التأمين المدرسي والرياضي، ورسوم الانخراط في
التعاونيات المدرسية أو الجمعيات الرياضية المدرسية ورسوم إعارة الكتب بالإضافة
إلى الاعتمادات التي ترصدها الأكاديميات الجهوية لتسيير مؤسسات التربية والتعليم
العمومي.
وبالنظر إلى أهمية التدبير الإداري والمادي والمالي، يمكن الجزم بأن الإصلاح الحقيقي والجودة المنشودة لا يمكن أن نراهن عليها إلا إذا كان الاهتمام منصبا على التفكير في سبل الارتقاء بأداء هيأة الإدارة التربوية على اعتبار أن نجاح المشاريع وتوفير الحاجيات رهين بمدى فعالية تدبير الموارد البشرية والمادية والمالية المتاحة.
-2 المدير كمشرف
تربوي :
بعد أن تحولت دفة التربية إلى الاهتمام بتكوين شخصية المتعلم وإعداده للاندماج في مجتمع متطور، تغيرت أدوار المدير، وأصبحت الأعمال الإدارية، على أهميتها ليس إلا وسيلة لتحقيق هذه الغاية.
وعلى هذا الأساس أصبح المدير " مشرفا
تربويا مقيما" يعهد إليه بالاطلاع على كل التفاصيل المتعلقة بسير العملية
التعليمية- التعلمية.
والتي تتصل بأمور المتعلمين وتحصيلهم وكفاءة المدرسين والمناهج والبرامج وطرق التدريس وأساليب التقويم ومن بين المسؤوليات التي تدخل في نطاق دور الإشراف التربوي للمدير نذكر ما يلي:
- السهر على تطبيق
المناهج والبرامج واستعمالات الزمن.
- مراقبة أعمال ووثائق
المدرسين وإغناؤها.
- إرشاد المدرسين وتشجيعهم
وتوفير الظروف لتكوينهم وتأهيلهم الذاتي.
- تنشيط مجالس المؤسسة.
- المساهمة في إعداد مشروع المؤسسة.
وإذا كان من الإنصاف أن نقر أنه من الصعب على مدير المؤسسة أن يكون ملما بجميع تفاصيل المواد الدراسية، ومن الصعب عليه تقديم العون لكل مدرس فيما يصادفه من معضلات ديداكتيكية وابستمولوجية متعلقة بهذه المادة أو تلك، فإننا بالمقابل نؤكد على أن دوره كمشرف تربوي يفرض عليه أن يطلع على كل تفاصيل العملية التعليمية لرصد الاختلالات والمعيقات، وطرحها على المشرفين التربويين المعنيين للتعامل معها والعمل على معالجتها. ".
-3 المدير كمنشط اجتماعي :
يقصد
بالتنشيط " ذلك الفعل الايجابي الذي يساهم في تحريك وتحرير الطاقات الذهنية
والوجدانية والحركية، وفي تفتيت المواهب والقدرات المضمرة والظاهرة لدى الأفراد
والجماعات قصد القيام بأنشطة ثقافية أو اجتماعية أو رياضية بشكل تلقائي
وتطوعي".
ودور المدير كمنشط اجتماعي يجد مشروعيته
وإلزاميته في كون المدرسة مؤسسة اجتماعية وتربوية صغرى داخل المجتمع الأكبر، إذ
تقوم بالتنشئة الاجتماعية والتربوية والرعاية لتكوين مواطن صالح.
كما ينسجم هذا الدور مع روح الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي أراد من المدرسة الجديدة أن تكون " مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن، مما يتطلب نسج علاقات جديدة بين المدرسة وفضائها البيئي والمجتمعي والثقافي والاقتصادي" المادة 9 من الميثاق الوطني.
وفي هذا السياق، وبالرجوع إلى مقتضيات الميثاق
الوطني للتربية والتكوين، نرى أن انفتاح المؤسسة على محيطها رهين بتفعيل دور
المدير في مجال الشراكة.
ويتجلى هذا الدور في وضع مشاريع لتنمية وتحسين جودة التربية
والتعليم بالمؤسسة والجماعة التي تنتمي
إليه، وتعيين الشركاء المناسبين واضطلاعهم على المشاريع المنتقاة وإقناعهم
بأهميتها، والتفاوض معهم بخصوص حجم ونوعية مساهمتهم في انجازهـا،. وأخيرا
تتبع تنفيذها ووضع آليات .
فالمدير يلعب دورا محوريا في التخطيط والتدبير والتوجيه والتسيير والإرشاد والتنشيط، ويعمل على خلق مناخ إيجابي داخل الفريق التربوي وداخل المؤسسة، والابتعاد عن السلوك الفردي البيروقراطي.
كما يقوم مدير المؤسسة بمجموعة من المهام والوظائف تحت مسؤولية المدير الإقليمي، ويمكن تصنيفها إلى مجالين:
المجال التدبيري:
بتنفيذ السياسة التربوية والتعليمية، وتنظيم الدروس،
وتفعيل الحياة المدرسية على مستوى المؤسسة.
بتنفيذ الجوانب التنظيمية، وتوجيهات وزارة التربية الوطنية واستراتيجيتها
وأولوياتها.
يشرف على إدارة المؤسسة التعليمية في الجانب التربوي والإداري والمالي، كما يضمن
جودة الخدمات التعليمية التي تقدمها المؤسسة.
المجال الوظيفي:
يشمل هذا المجال الوظيفي : التخطيط، التنظيم والتسيير، والمراقبة والتأطير
والتنشيط التربوي والإداري للمؤسسة وللعاملين بها لفائدة المستفيدين من خدماتها.
المجال
التربوي :
ضمان وضع خطة عمل سنوية عن أنشطة المؤسسة بتنسيق مع مجلس
تدبير المؤسسة وتنفيذها.
تحمل المسؤولية التربوية الكاملة للمؤسسة.
السهر على شرح البرامج والطرائق والحصص والكتب الرسمية وتطبيقها.
اطلاع هيأة التدريس على المستجدات التربوية و مناقشتها وإغناؤها.
توزيع التلاميذ والمدرسين على الأقسام والمستويات حسب مقاييس تربوية ومادية (عدد
الحجرات، عدد الأفواج، التلاميذ و المستويات…).
تنشيط مجالس المؤسسة (مجلس التدبير، المجلس التربوي، مجالس الأقسام).
وضع تقرير عام سنوي حول نشاط المؤسسة وسيرها وعرضه على مجلس التدبير.
إعداد الوثائق والوسائل التعليمية.
مراقبة سيرورة التمدرس وأعمال المدرسين/ات والتلاميذ بكيفية مستمرة.
وأخيرا فإن منصب مدير المؤسسة التعليمية في المغرب منصب هام وحساس، فنجاح
المدير في ممارسة مهامه يسهم بشكل كبير في توفير تعليم ذو جودة لجميع المتعلمين،
مما ينعكس إيجابًا على مخرجات العملية التعليمية وبالتالي تنمية المجتمع ككل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق