إستراتيجيات التدريس الحديثة لمادة التربية الإسلامية - الدكتور رشيد فعدة

 إستراتيجيات التدريس الحديثة لمادة التربية الإسلامية

إستراتيجيات التدريس الحديثة  لمادة التربية الإسلامية

الدكتور المحترم: رشيد فعدة

الإطار: متصرف تربوي

البريد الإلكتروني: Rachidfaada1@gmail.com

مقدمة:

         إن الحديث عن استراتيجيات التدريس الحديثة لمادة التربية الإسلامية ،لا يعني تَناوُلَها في مقابل استراتيجيات تدريس قديمة أو تقليدية أو كلاسيكية، على اعتبار أن العديد من استراتيجيات التدريس الحديثة ما هي إلا اقتباس أو تطوير لاستراتيجيات قائمة وسابقة، وعلى اعتبار -أيضا- أن استراتيجيات تدريس قديمة أو تقليدية ليس معناهُ أنها استراتيجية لم تعد صالحة للاستعمال، وإنما هو –أي هذا الحديث- إشارة ومحاولة لِنَضَعَ بين أيدي المدرسين اختياراتٍ أكثر، تجعلهم يأخذون منها ويُجربون ما يَرَوْنهُ مناسبا لتلاميذهم ولخصوصيات فصولهم الدراسية.

       جدير بالذكر أيضا أنه مهما اختلفت الاستراتيجيات وتنوعت، توجد نقاط مشتركة بينها، ينبغي مُراعاتها وأخذها بعين الاعتبار وأهمها:

-التخطيط المحكم للحصة الدراسية.

-تحفيز المتعلمين وتشجيعهم.

-الاهتمام بالفروق الفردية، وفتح باب المشاركة أمام جميع التلاميذ,

أ- تعريف الاستراتيجية

 

أصلها اللغوي هو الكلمة اليونانية استراتيجيوس، ومعناها فن القيادة واختيار الأهداف، تم استعمال هذا المصطلح لأول مرة في الميدان العسكري، وتعني استخدام الإمكانيات والمواد والوسائل المتوفرة على أتم وجه لتحقيق الأهداف المنشودة، (إطارٌ مُوجِّه لأساليب العمل. ثم انتقل استخدام هذا المصطلح ليشمل مجالات عدة منها مجال التدريس والتعليم.

 

ب- تعريف استراتيجيات التدريس

هي سياق من أساليب وطرق التدريس وتقنيات تنشيط الفصل الدراسي المتغيرة حسب معايير عدة، لعل أهمها هو الموقف التدريسي

إنها أسلوب الأستاذ في تدريسه للمواد وفي طريقه لتحقيق الأهداف التعليمية المرجوة، إنها كذلك الوسائل والأدوات والإجراءات التي يستخدمها لمساعدته في مَهمته، إنها أيضا الجو العام داخل الفصل الدراسي المساعد على الوصول -بشكل منظم ومتسلسل- إلى مُخرجات تعليمية مقبولة في ضوء الإمكانات المتاحة.

إنها كل ما سبق، لكنها باختصار التخطيط المُسبق والخطة التي يتبعها الأستاذ لتحقيق هدف تعليمي.

 

ج- استراتيجية التدريس وطريقة التدريس وأسلوب التدريس

رغم كونها مفاهيم مرتبطة ومتداخلة ومتقاربة إلا أنه يمكن تلخيص الفرق بينها في كون استراتيجية التدريس أشمل من الطريقة، والطريقة أوسع من الأسلوب.

فعلى ضوء استراتيجية التدريس يختار المعلم الطريقة المناسبة، والتي بدورها تُحدد أسلوب التدريس الأمثل الذي يتبعه المتعلم

الاستراتيجية إذن هي خطة عامة للتدريس، بينما طريقة التدريس أقرب إلى كونها وسيلة اتصال من أجل الوصول إلى أهداف معينة ومسطرة مسبقا، بينما الأسلوب هو الكيفية التي يتناول بها المعلم طريقة التدريس.

 

ملحوظة:  يمكن أن تقوم استراتيجية التدريس على طريقة واحدة أو على عدة طرق، وذلك حسب الأهداف المسطرة، في حين أننا نختار الطريقة لتحقيق هدف متكامل واحد خلال موقف تعليمي معين.

د- أهم استراتيجيات التدريس الحديثة

1- استراتيجية العصف الذهني:

 ،و تسمى أيضا الزوبعة الذهنية Brainstormi و يقصد بها وضع الذهن في حالة من الإثارة بُغية التفكير في كل الاتجاهات والاحتمالات للوصول-في جو من الحرية- إلى أكبر عدد ممكن من الأفكار والآراء حول مشكلة أو موضوع معين، تليه مرحلة جمع المقترحات ومناقشتها

2- استراتيجية التعلم بالنمذجة : وتسمى أيضا التعلم الاجتماعي، وهي اكتساب الفرد وتعلمه استجابات وأنماط سلوكية جديدة في إطار أو موقف اجتماعي، عبر الملاحظة والانتباه (كتعلم الطفل للغة عن طريق الاستماع والتقليد).

3- استراتيجية العمل الجماعي: و تسمى أيضا التعلم التعاوني، و تتجلى في تقسيم المتعلمين إلى مجموعات مصغرة تتكون غالبا من 3 إلى 4 أعضاء، تُعطى لهم واجبات محددة (أهداف مشتركة) وعليهم الاعتماد على التعاون (التبادل المعرفي و المهاري) من أجل إنجاز المَهمة المطلوبة منهم,

 

4- استراتيجية المناقشة: هو أسلوب قديم يُنسب للفيلسوف سقراط، الذي كان يعتمده لتوجيه تلاميذه وتشجيعهم. ويمكن اعتباره بمثابة تطور للطريقة الإلقائية عبر استعمال المناقشة على شكل تساؤلات تثير دافعية المتعلمين.

تعتمد هذه الاستراتيجية على دفع التلاميذ إلى التفكير والمناقشة وإبداء الرأي وطرح الأسئلة وتقديم الأجوبة، وإشراكهم في إعداد الدرس، مع الاهتمام بالبحث وجمع المعلومات وتحليلها باتباع خطوات رئيسية هي: الاعداد والمناقشة والتقويم.

5-استراتيجية الحقيبة التعليمية: وتسمى أيضا الرُّزَم التعليمية، وهي وحدة تعليمية (بناء متكامل مُحكم التنظيم) تُوَجِّهُ نشاط المتعلم باعتماد التعلم الذاتي وإتاحة فرص التعلم الفردي، وتتضمن مواد تعليمية ومعرفية منوعة تراعي الفروق الفردية، معززة باختبارات قبلية وبعدية، وبنشاطات ووسائل تعليمية متنوعة مُساعِدة على تنزيل المناهج الدراسية.

6- استراتيجية المشروعات: وتسمى أيضا بيداغوجيا المشروع أو المشروع البيداغوجي أو الورشة التعليمية، وهذه هي الخطوات الرئيسية لتطبيق هذه الاستراتيجية:

ـ اختيار المشروع: وهي خطوة رئيسية للوصول إلى الأهداف المنتظرة من النشاط.

ـ التخطيط: يضع المتعلمون الخطة المناسبة للعمل، ويقوم الاستاذ بإرشادهم ومساعدتهم للوصول إلى الأهداف المتوخاة.

-التنفيذ: والانتقال من مرحلة التخطيط والمقترحات إلى العمل.

ـ التقويم: للوقوف على مدى تنفيذ المشروع

7- استراتيجية حل المشكلات أو التعلم القائم على المشكلات: وتسمى الأسلوب العلمي في التفكير، وتتم عبر إشعار المتعلمين بالقلق وإثارة تفكيرهم إزاء مشكلة ما (تكون مناسبة لمستواهم، وذات صلة بموضوع الدرس، وبمعيشهم) لا يستطيعون حلها بسهولة، بل بالبحث واستكشاف الحقائق المؤدية إلى الحل.

8- استراتيجية التعلم بالاكتشاف : تدعو هذه الاستراتيجية إلى استخدام التفكير المنطقي (الاستقرائي أو الاستنباطي) وتُشجع التفكير النقدي العقلي البعيد عن الخرافات والمُسلَّمات، مُخاطبة المستويات العقلية العليا كالتحليل والتركيب، وتسعى هذه الاستراتيجية إلى جعل المتعلم في قلب العملية التعليمية وزيادة دافعيته.

9- استراتيجية التدريس الاستقرائي: يمكن تلخيص هذه الاستراتيجية في عبارة ″الانتقال من الجزء إلى الكل″ عبر تتبع الجزئيات والتفاصيل والأمثلة وعرضها ثم مناقشتها وفحصها وتحليلها، للوقوف على أوجه الشبه والاختلاف ثم الوصول إلى استنتاجات عامة و أحكام كلية، ومنه التعميم ووضع القانون أو التعريف أو تحديد قاعدة معينة.

10- استراتيجية الخرائط المفاهيمية : هي استراتيجية تدريسية تُوظف الأشكال والخطوط والصور والأسهم والألوان واللغة (كلمات الربط) لتمثيل المعرفة وتقديم المعلومات ويمكن استثمارها في تعميق الفهم وتلخيص المعلومات واستنتاج العلاقات بين المفاهيم.

11- استراتيجية التعلم بالتعاقد:  وتسمى أيضا بيداغوجيا التعاقد، وهي عموما من الاتجاهات الحديثة في التعليم التي يتم فيها تقاسم مسؤولية التعليم والتعلم بين الأستاذ والمتعلمين عبر الاتفاق.

          وهي عموما من الاتجاهات الحديثة في التعليم التي يتم فيها تقاسم مسؤولية التعليم والتعلم بين الأستاذ والمتعلمين عبر الاتفاق الصريح والواضح والمكتوب على الالتزام بأداء مهام أو تنفيذ مشاريع معينة.

12-استراتيجية القصة:  رغم أن البعض يعتبرها من الطرق التقليدية القديمة إلا أن توظيف المستجدات التكنولوجية الحالية (الفيديو في التعليم، الصور، الرسوم المتحركة، العروض التعليمية، الفصل المقلوب…) يمكن أن يجعلها استراتيجية مفيدة جدا في تقديم المعلومات ونقل العِبر للتلاميذ.

 

خاتمة

مهما تنوعت استراتيجيات التدريس الحديثة واختلفت، فإن نوعية وطبيعة الحصة التعليمية والهدف منها ومحتواها ومستوى المتعلمين وخصوصية كل بيئة فصلية دراسية تبقى المُحَدِّد لأي استراتيجية نستخدم. و هو أمر –بطبيعة الحال- مَنُوطٌ بالمُدرس ما دام هو الأكثر دِرايةً بمتطلبات فصله الدراسي .

المراجع

§        أبو صالح ، محب الدين بن أحمد ( ١٤١٢هـ ـ ١٩٩١م ) . أساسـيات في طـرق التدريس العـامة . ط٢ .الرياض : دار الهدى . جابر ،

§        جابر بن عبـد الحميـد ( ١٤٠٩هــ ـ ١٩٨٩م ).سيـكولـوجيــة التعـلـم ونظريـات التعـلـم . الكويت : دار الكتاب الحديث .

§        حمدان ، محمد بن زياد ( ١٤٠٦هـ ـ ١٩٨٦م ) . تحضـير الـدروس اليوميــة تنفيـذه وخططـه المتنوعـة في التعــلم والتــدريس . الأردن : دار التربيـة الحديثة. زكري ،

§        عمر بن محمد مدني ( ١٤٠٧هـ ـ ١٩٨٧م ) . إستراتيجيات مـا قبـل التدريـس مفهوم ثبتت فعاليته علمياً . رسالة الخليج العـربي ، ٧ ) ٢٢ ، ( ١٥٣- . ١٦٩ سليمان ،

§        ممدوح بن محمد ( ١٤٠٨هـ ـ ١٩٨٨م ) . أثر إدراك الطالـب المعلـم للحـدود الفاصلة بين طرائق وأسـاليب وإستراتيـجيات التدريـس في تنمية بيئة تعليمية فعـالة داخل الصف . رسالة الخليج العربي ، ٨ ) ٢٤ ، ( ١١٩ - ١٤٦.

§        [على أحمد مدكور]، مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها

§        [عاطف السيد]، التربية الإسلامية أصولها ومنهجها ومعلمها

§         [عبد الرشيد عبد العزيز سالم]، طرق تدريس التربية الإسلامية نماذج لإعداد دروسها.

§        [د محمود بن إبراهيم الخطيب]، تقويم طرق تعليم القرآن الكريم في مراحل التعليم العام والتعليم الجامعي،

§         [على أحمد مدكور]، مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق