النظام الداخلي للمؤسسات التعليمية بين النص والتطبيق. محمد بنوي : باحث في مجال التربية و المجتمع.



النظام الداخلي للمؤسسات التعليمية بين النص والتطبيق. محمد بنوي : باحث في مجال التربية و المجتمع. 

نبذة عن الكاتب:

الاسم والنسب : محمد بنوي.
تاريخ ومكان الازدياد :1963 ببني ملال.
الدراسة الابتدائية والاعدادية والثانوية بنفس المنطقة.
الحالة العائلية : متزوج . عدد الأبناء : 3
حائز على الإجازة في شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس.تخصص: فلسفة عامة : جامعة محمد الخامس بالرباط.
حاصل على شهادة استكمال الدروس : تخصص فلسفة اسلامية : من نفس الجامعة .
أستاذ سابق لمادة الفلسفة .
مدير تربوي سابق في التعليم الخصوصي.
مكون  ومؤطر  تربوي .
باحث في مجال التربية والتعليم وقضايا المجتمع .
مساهمات كتابيةو حوارات في عدد من المنابر الإعلامية، الورقية والالكترونية منذ سنة 2010.

 مدخل:

      خلال نهاية كل سنة تربوية تقف أسرة التعليم بجميع مكوناتها على ما تحقق من نتائج وعلى مالم يتحقق لاستخلاص العبر والدروس كل من موقعه ،ويبدأ التفكير والتخطيط والإعداد للدخول التربوي الموالي،سواء من حيث تجهيز البنايات المدرسية بالوسائل الضرورية أومن حيث المناهج والبرامج والمقررات أو ما يتعلق بالأطر القانونية المؤطرة والمنظمة لمسؤولية وتدخل كل الفاعلين على صعيد المؤسسة التعليمية في هذا الإطار أصدرت مديرية الشؤون القانونية والمنازعات،التابعة لقطاع التربية الوطنية ،وثيقة قانونية- مرجعية بتاريخ 5 يونيو 2020 أطلقت عليها" مشروع النظام الداخلي النموذجي لمؤسسات التربية والتعليم العمومي المتضمن لميثاق المتعلم 'عوض ميثاق التلميذ كما جاء في المشروع انسجاما مع المادة السادسة والعشرين من قانون الاطار.فماهي المستجدات التي يحملها هذا المشروع الجديد؟ كيف ينظم العلاقة بين جميع المتدخلين في المؤسسة التعليمية ؟ وكيف يمكن ترجمة مضامين هذا المشروع بديباجته وفصوله التسعة الى واقع الممارسة التربوية ؟ وكيف يمكن أن نجعله في خدمة و مصلحة المتعلمات والمتعلمين؟

 1-ملاحظات لابد منها:

أ- نبدأ من الفصل التاسع والأخير ،لنقول،بأن هذه الوثيقة تعتبر مشروعا،سيتم عرضه" على مجالس التدبير لإبداء الرأي،قبل عرضه على مسطرة المصادقة"،اذ سيكون موضوع دراسة واغناء ويمكن تعديليه كلما دعت الضرورة إلى ذلك " كما ورد في نفس الفصل. 
ب-هذا المشروع الجديد جاء كبديل للمقترح السابق المتضمن في دليل الحياة المدرسية "الصادر عن وزارة التربية الوطنية والشباب آنذاك في شتنبر 2003 والذي شكل أرضية لجميع الأنظمة الداخلية المعمول بها في المؤسسات التعليمية الى حد الان.
 ج -هذا المشروع الجديد يأتي في سياق تفعيل المادة 26 من قانون الإطار 51/17 ،التي تنص على وضع ميثاق " يسمى ميثاق المتعلم يحدد حقوقه وواجباته ويوضع رهن إشارة كل متعلم و رهن إشارة جميع الفاعلين " وتؤكد نفس المادة انه"يمكن عرضه على المجلس الاعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لإبداء الرأي بشأنه ليساير المتغيرات والتطورات التي طرأت على النظام التربوي المغربي سواء على مستوى التشريع وهذا ما أكدت عليه الديباجة من خلال استحضار المرجعيات التالية " دستور المملكة المغربية (....) الاتفاقيات الدولية المصادق عليها(.....) القانون الإطار رقم 17/51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي أو على مستوى الواقع باستحضار مواصفات وحاجيات متعلم القرن 21 كفاعل ومنفعل رقمي.وهذا ما جاء في الفصل الثاني الخاص بحقوق وواجبات المتعلم بالتأكيد ان من حقه " الحصول على تعليم عصري(....) من خلال اعتماد التعليم الحضوري والتعليم عن بعد انسجاما مع المادة 13 من قانون  الاطار. 
ه‍ - الملاحظة الأخيرة : ان هذا المشروع كما يظهر من خلال العنوان وتم التأكيد عليه في الديباجة ايضا فهو موجه الى " مؤسسات التربية والتعليم العمومي دون الإشارة إلى التعليم الخصوصي رغم أن هذا الأخير ومنذ عشرين سنة ( تاريخ صدور الميثاق الوطني للتربية والتكوين) وصولا الى قانون_ الإطار 51/17 أصبح جزءا لايتجزأ من المنظومة التربوية الوطنية كما جاء في المادة 7 من الباب الثالث : "تتكون منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بقطاعيها العام والخاص " لكن وفي اعتقادي الشخصي، فان وزارة التربية الوطنية وكما كان الامر في سنة 2003 حينما أصدرت المذكرة رقم 78 بتاريخ 24 يونيو 2003"بشأن النظام الداخلي بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي كذلك سيتم الاعتماد على نفس المسطرة من خلال اجرأة مواد وبنود قانون 51/17 المتعلقة بمؤسسات التربية والتعليم الخصوصي.وهكذا فإن كل مؤسسة من مؤسسات التربية والتكوين والبحث العلمي في جميع مكونات المنظومة ومستوياتها' ملزمة" بالتقيد بمقتضيات ميثاق المتعلم الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من الأنظمة الداخلية للمؤسسات التعليمية"

 2- حول مضمون المشروع: 
 
      كما سبق الذكر الى ذاك ،فان هذا المشروع يحتوي فضلا على الديباجة على تسعة فصول( يمكن الرجوع اليه بتفصيل كما هو منشور على موقع : تربويات المغرب (الرابط) ) رغم أن هذه الوثيقة تتطرق إلى حقوق وواجبات جميع الفاعلين والمتدخلين في المؤسسة التعليمية(المتعلمات والمتعلمون - أطر الإدارة التربوية - الاستاذ( ة )- أمهات وآباء وأولياء الأمور) يمكن القول ان جميع المجهودات تصب كلها في هدف واحد وهو توفير كافة الشروط للمتعلم (ة) داخل المؤسسة التعليمية باعتبارها فضاء للتربية والتعليم والتكوين ،ومجالا لأداء المتعلمات والمتعلمين لواجباتهم المدرسية واكتساب حقوقهم" كما جاء في الفصل الاول من المشروع المتعلق ب" وظائف المؤسسة التعليمية" هذه الاخيرة التي يجب عليها العمل على تأهيل المتعلم (ة) على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية وتربيته على القيم الوطنية والكونية (الإنسانية )من خلال نهج مقاربة تشاركية مع جميع شركاء التربية عبر آلية " مشروع المؤسسة"

3 - قوة أي نظام وميثاق في تطبيقه:

       ان هذا المشروع الخاص بالنظام الداخلي النموذجي ليس هدفا وغاية في حد ذاته ،انه بمثابة اطار قانوني مرجعي يحدد ويضبط العلاقة بين شركاء المؤسسة لتحقيق الاهداف الكبرى لمنظومة التربية والتكوين كما رسمها قانون الإطار في أفق 2030،خاصة ماورد في المواد 3-5 -33 و48 التي تهمنا في هذا المقام ،لأنها تحدد مواصفات متعلم(ة) النصف الاول من القرن 21. لكن الاشكال الذي يطرح نفسه ليس في وجود هذه المرجعية النظرية التشريعية ،القانونية المتجلية،حاليا في القانون المتعلق بمنظومة التربية والتكوين 51/17 الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 19 غشت 2019، وإنما في مدى تطبيقه وتنفيذه على أرض الواقع التربوي انطلاقا من المؤسسة التعليمية. لاشك ان الجميع لايرغب في تكرار تجربة الميثاق الوطني الذي أحدث ثورة تربوية نظرية،لم تواكبها ثورة ميدانية على مستوى الواقع الفعلي مع الاعتراف بما تتحقق من   انجازات ومكتسبات،لكنها لا ترقى إلى مستوى الطموحات المأمولة (سنعود بحول الله خلال مقالات قادمة الى ما تحقق وما لم يتحقق خلال العشرين سنة الماضية) لقد قدم الميثاق تصورا شاملا ووصفة علاجية لنظامنا التربوي والتكويني ولازال يعتبر مرجعا لكل الاستراتيجيات والقوانين لكنه لم يجد من يسهر على تقديم الدواء الذي وضعه الميثاق الوطني(2000-1999) وبعده الكتاب الابيض(2003-2002) وتقرير المجلس الاعلى للتعليم 2008 وتدابير البرنامج ألاستعجالي (2012-2009). إننا في اطار القانون الجديد، امام فرصة تاريخية لإصلاح كل أعطاب منظومتنا،ولتكن البداية من المؤسسة التعليمية بالفاعلين المباشرين من خلال تحمل كل طرف مسؤوليته في القيام بأدواره تجاه المتعلم (ة) كفاعل رئيسي في العملية التعليمية التعلمية ومساهما في بناء المعرفة من خلال التعلم الذاتي والتحرر من النظرة التقليدية التي تنظر اليه كتلميذ و كمتلقي فقط وليس مشاركا في كل العمليات التربوية و فاعلا أساسيا في الحياة المدرسية.

       من خلال تقييمنا لواقع مؤسساتنا التعليمية نجد ان أغلبها لايعمل على ترجمة الافكار والإجراءات الواردة في الانظمة ( تفعيل مجالس المؤسسة - مشروع المؤسسة - مشروع الاستاذ(ة)- المشروع الذاتي للمتعلم -النوادي المدرسية والجمعيات الرياضية وجمعيات الاباء ..وكل مايتعلق بالحياة المدرسية) وتشجيع ثقافة التحفيز والاعتراف والتكريم ،كما جاء في الفصل الثامن من مشروع النظام الداخلي، المتعلق بالمكافآت التحفيزية. 

 خلاصة :
 ان توفر الإرادة المشتركة لدى جميع المتدخلين في المؤسسة التعليمية والإحساس بالمسؤولية والتسلح بثقافة الواجب وحب الوطن والإيمان بدور العلم والمعرفة في بناء عالم اليوم والغد.كل هذا سيمهد الطريق لكسب رهان التنمية المنشودة لبلادنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق